صدر قرار رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط باعتماد مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل في وحدات الخدمة العامة، وبدء تطبيقها.
والمرتكزات الأساسية للمدونة هي :
1- القرآن الكريم. 2- الهدي النبوي. 3- عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر. 4- دروس ومحاضرات من هدي القرآن الكريم.
5- خطابات ومحاضرات قائد الثورة عبدالملك بدرالدين الحوثي.
6- الهوية الإيمانية، والآداب والأخلاق الإسلامية.
دعونا هنا نتأمل بشفافية مطلقة وقراءة عقلانية هذه المرتكزات الأساسية التي استندت اليها المدونة قبل ان ندخل في الحقوق والواجبات التي حددتها .
ومنطلقنا في هذا هو ما نص عليه دستور الجمهورية اليمنية النافذ في المادة (5) : ” يقوم النظام السياسي للجمهورية اليمنية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً، وينظم القانون الأحكام والاجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب او تنظيم سياسي معين ” . اذ يبدو واضحا تماما ، وعلى عكس هذه المادة ، ان المرتكزات الاساسية التي استندت عليها المدونة تمثل توجها حزبيا أحاديا وتتعامل مع موظفي الدولة وكأنهم ينتمون جميعا الى خط عقائدي واحد ، وفي هذا خرق واضح وصريح للدستور الذي كرس التعددية السياسية كما أشرنا ، حيث ان في اليمن احزابا يسارية وعلمانية ، كما ان هناك تنوعا مذهبيا شافعيا وزيديا وصوفيا وسلفيا واخوانيا واسماعيليا وغيرها … والسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة هو : لماذا وبأي حق يتم اخضاع عدد كبير من الموظفين الذين يختلفون سياسيا وعقائديا ومذهبيا لهذه المدونة ذات الهوية الحزبية والعقائدية والمذهبية الخاصة بفئة معينة من الشعب اليمني ؟!
ان النصوص القرآنية التي امتلأت بها المدونة وتوظيفها في تكريس الولاء والطاعة لفصيل معين لا يتجاوز نسبة 5% من سكان اليمن ، وتأكيد المدونة على الالتزام بمبادئ أساسية ذات صبغة مذهبية واضحة هو تجاوز غير مقبول للدستور والقوانين و الأعراف اليمنية ، بما فيها العرف القبلي الذي لا يسمح بسيطرة جماعة على حساب الجماعات الأخرى.
و هذا جزء بسيط لا يتجاوز 1% مما ورد في المدونة من نصوص تجير الوظيفة العامة لمصلحة فئة واحدة ، وتلزم الموظف بالولاء والطاعة ، وتفرض عليه أفكارا ومبادئ مذهبية في الوقت الذي كان هذا الموظف ينتظر مدونة تركز على صرف رواتبه المنقطعة منذ سبع سنوات عجاف بذريعة نقل البنك الى عدن وسيطرة ما يسمى الشرعية على منابع النفط، وهذه ذريعة واهية لأن من يتذرع بها هو المسؤول عن تسديد رواتب الموظفين العاملين في المناطق الخاضعة لسلطته والذين يسددون له ما عليهم من التزامات في حين يمتنع هو عن اعطائهم استحقاقاتهم المالية وغيرها …. ان السلطة مسؤولية ولابد لها من ان توفر للشعب حقوقه تماما كما تحرص على ان يقوم بواجباته تجاهها ، أما ان يكون على المواطن واجبات فقط وليس له حقوق فهذه بدعة لا يمكن القبول بها لأنها تحرم الناس من الحياة الكريمة عندما تقطع عنهم لقمة العيش او تجعلها مطلبا شبه مستحيل ..
إن الموظف اليمني البائس ليس بحاجة الى كل ما أتحفتنا به هذه المدونة ، فكل ما جاء فيها لا يطعم خبزا ولا يسدد رواتبا ولا يوفر كساء ولا يبني بيوتا ولا يؤمن دواء …
واذا كان لا بد من مدونة للسلوك الوظيفي والأخلاقي فلتطبق على اهل الحكم والقرار حتى يتقوا الله في هذا الشعب الذي يعاني متذ ثماني سنوات أهوال الحرب والحصار و القتل و الجوع والدمار ..ولا توهموا الشعب المغلوب على امره ان الحرب قدره ..وتحولوا الهدن والتفاوض الى فرص للانتفاع الطائفي والشخصي والى صفقات تتم على حساب الشعب الغارق في البؤس . ومرة أخرى نعيد ونكرر ان ما يحتاجه اليمنيون ليس مواعظ دينية واخلاقية لتخديره ..فقد بلغ السيل الزبى ، وما يحتاجه الشعب واضح ولا يحتمل أي تشكيك وهو
دولة مدنية وتحقيق اهداف الثورة اليمنية واتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي استخلص من مخرجات الحوار الوطني. ما يريده شعبنا اليمني هو إحلال السلام لينعم بالأمن والاستقرار فهذا هو الاستحقاق الوطني الكبير المنشود .