مع الأسف، هناك الكثير من الأشخاص في حياتنا الممتدة على مر السنوات أو الأعوام، عندما نفرح لأمر ما، او نبتهج لحصولنا على شيء ما، فأول واخر سؤال سيسالوننا إياه هو التالي:
بكم؟
فهذا كل ما يكترثون لأمره ( القيمة المادية).. لا القيمة الجمالية، ولا البعد التاريخي، أو ندرة الشيء تقع ضمن اهتماماتهم.
لذلك، مثل هؤلاء، لا تتوقع منهم بأن يقوموا بسؤالك عن ما يعنيه لك حصولك على ذلك الشيء المميز الذي كنت تنتظره، أيا كان ذلك الشيء، ولن يستوعبوا مدى فرحتك و بالغ بهجتك بحصولك عليه، فكل ما يعنيهم في الامر او الشيء محور الاهتمام، هو قيمته المادية بما تحمله من دلالات على وضعك المالي.
أما الأمور المعنوية، الجمالية، الحسية فلا تعنيهم في شيء، حيث انهم يفتقدون الحس المطلوب، و الإدراك الكافي لتقييم جماليات الحياة بمختلف شواربها، خاصة تلك الجماليات البعيدة عن المادية. حيث ان كل شيء في هذه الحياة بالنسبة لهم هو محدود بإطار قيمته المادية فقط.
لنستعرض معا بعض الأمثلة على ذلك: فمثلا لو أخبرت أحدا من هؤلاء الافراد الماديين الصرفين بأنك قد قمت بشراء سيارة كلاسيكية قديمة، فلن تجده يسألك عن تاريخها – سبب شهرتها – من اقتناها قبلك – قصة وصولها إليك؟ فكل ما سيعنيه في الامر هو قيمة السيارة المادية فقط، ولا يوجد هناك احتمالية لان يكون مهتم باي شيء اخر يخص تلك السيارة!
مثال آخر، لو قمت بشراء فرس عربية اصيلة وجميلة، فلن يتمعن مثل هؤلاء البشر بجمالها ورشاقة قوامها، والقيام بالسؤال عن حسبها ونسبها، فكل ما يهمهم في الأمر يقبع في قيمتها المادية وحدها.
حتى في الفن، متمثلا بالرسم، لا يعنيهم كثيرا، ولا يستطيعون رؤية جمالياته بعين مجردة من المادة، و إذا ما اجتمع بعض المهتمين حول لوحة فنية جميلة، رسمت بأنامل فنان مغمور، ستجدهم فقط يبحثون عن سعرها.
في حقيقة الامر، أنا شخصيا أشعر بشيء من الأسى، والقليل من التعاطف تجاه هؤلاء البشر، من الذين اختصروا مختلف جماليات الحياة فقط في قيمتها المادية الصرفة، مبتعدين كل البعد عن الأمور المعنوية و الحسية الأخرى، و دون أن يمتلكون الجزء الأدنى من الإدراك الإنساني الحسي العقلاني، البعيد باتزان عن القيمة المادية للشيء محور اهتمام الاخرين.