عن كثب/.. رغم أن الإعلان عن تقديم مسلسل حول سيرة الصحابي معاوية بن أبي سفيان قبل أشهر، صاحبته منذ اللحظة الأولى اعتراضات شتى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وطالب كثيرون بالتوقف عن تنفيذ العمل، فإن الأمر اتخذ أبعاداً أخرى بعد البيان الذي نشره زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر مطالباً بالتراجع عن بث العمل، بعدما اعتبر أن الشخصية المحورية التي يدور حولها السيناريو “رأس الفتنة الطائفية”.
ودائماً ما تواجه الأعمال التاريخية بالتشكيك والجدل، والقيل والقال، لكن حينما يتعلق الأمر بالتاريخ الديني فإن الغضب يتصاعد أسرع، ويتخذ أبعاداً أخرى بين فرق متعددة.
ومن المقرر أن يشهد رمضان 2023 عرض أكثر من عمل يغوص في أعمال التاريخ، لكن الاهتمام الأكبر ارتكز على المسلسل المصري “الإمام الشافعي” الذي يتناول سيرة صاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي ومؤسس علم أصول الفقه محمد بن إدريس الشافعي.
كما امتد الجدل إلى مسلسل “معاوية” الذي يجسد سيرة أبي عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي، أحد كتّاب الوحي ومؤسس الدولة الأموية، الذي لا يُذكر اسمه إلا ويفجر نقاشاً استقطابياً، رغم أن هذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها شخصيته على الشاشة، لكن على ما يبدو أن توغل أدوات التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) في العصر الحالي رفع من حصة السجال وحدته.
“معاوية” يتلقى السهام
المسلسل الذي يجري العمل عليه حالياً وكتبه خالد صلاح، ويخوض به المخرج طارق العريان تجربته التليفزيونية التاريخية الأولى، بحسب المعلومات المتداولة، يتناول فترة حساسة للغاية من التاريخ الإسلامي، وهي فترة لطالما اعتنى بها الباحثون جيئة وذهاباً.
لكن مع ذلك لا يزال الحديث عنها يفجر شجوناً كثيرة، ومن المقرر أن يستعرض أحداث الفتة الكبرى التي وقعت ما بعد منتصف القرن السابع الميلادي حين قتل الخليفة عثمان بن عفان وبعده الإمام علي بن أبي طالب، ثم تولى الحسن نجل الأخير الخلافة، ليتنازل عنها لمعاوية بن أبي سفيان، حين لم تتوقف المعارك التي قسمت المسلمين إلى فرق، وانتهى بها عصر الخلافة الشورى، ليبدأ عصر الدولة الأموية ووراثة الحكم.
ويجسد شخصية معاوية بن أبي سفيان في المسلسل، الممثل السوري لجين إسماعيل، الذي سبق وشارك في أعمال شهيرة مثل “مقابلة مع السيد آدم”، و”نجمة الصبح”، و”دنيا”، و”خريف العشاق”، إضافة إلى وائل شرف وإياد نصار وعائشة بن أحمد، وعشرات غيرهم.
ويجري العمل على قدم وساق فيما يسير الهجوم على قدم وساق أيضاً، ومما جاء في البيان الذي نشره مقتدى الصدر مطالباً بوقف المسلسل “معاوية رأس الفتنة الطائفية، وأول من سن سب الصحافة وأول من خرج عن إمام زمانه وشق صف الوحدة الإسلامية، وأول من قتل الصحابة”.
وتواصلت “اندبندنت عربية” مع عدد من صناع العمل للرد على الجدل الذي يرافقه حتى قبيل عرضه، لكن شروط التعاقد مع الجهة الإنتاجية لا تتيح لهم التعليق والحديث لوسائل الإعلام في الفترة الحالية.
شخصية ثرية درامياً
بالعودة إلى 12 عاماً مضت، فجر مسلسل سوري حمل عنوان “معاوية والحسن والحسين” أزمة مشابهة، بسبب رفض جهات عدة عرضه لأسباب مختلفة، فالمسلسل الذي قام بتأليفه محمد الحسيان وأخرجه عبد الباري أبو الخير، شهد تجسيد شخصية معاوية على يد الفنان رشيد عساف وكذلك شخصيتي الحسن والحسين، أحفاد النبي محمد، وابنا الخليفة علي بن أبي طالب، فقدم شخصية الأول خالد الغويري، والثاني محمد المجالي، وهو ما تسبب في رفض عدد من المحطات عرض المسلسل حينها، لا سيما المصرية منها، وذلك بسبب اعتراض مجمع البحوث الإسلامية أحد هيئات الأزهر على تقديم شخصيات دينية بعينها في أعمال فنية وبينها الأنبياء والعشرة المبشرين بالجنة والصحابة وآل بيت النبي محمد، وذلك وفق ما أكده الشيخ علي عبد الباقي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية حينها.
واللافت أن شخصية معاوية كانت قد قدمت عام 2003 في مسلسل مصري حمل عنوان “رجل الأقدار” قام ببطولته نور الشريف حول شخصية عمرو بن العاص، فيما كان حضور معاوية أقل درامياً وأدى دوره الممثل محمود مسعود، وسبق للفنان قيس الشيخ نجيب أن قدم الدور أيضاً في مسلسل “القعقاع بن عمرو التميمي” في عام 2010 ولم يكن أيضاً هو الشخصية المحورية في العمل الذي أخرجه المثنى الصبح، لأن الشخصية تتميز بالثراء الدرامي.
الأعمال الدينية… مشوار الغضب والنجاح