كهلان الشجاع*
في ظل ما تم تداوله بخصوص أحد الفنانين الشباب، ومبادرة أحد البنوك، يبرز تساؤل مهم بخصوص دور رأس المال الوطني، والمسؤولية الاجتماعية التي من المفترض أن يضطلع بها القطاع الخاص.
في المجتمعات الحديثة ظهر ما يسمى المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص أو الرأسمال الوطني أو الشركات التي تعمل في أي مجتمع من المجتمعات بغض النظر عن جنسيتها، وأصبح لهذا القطاع دورا مهما ومحوريا في تنمية المجتمعات من خلال القيام بمسؤوليته الاجتماعية في المجتمع، ليس كمنحة أو هبة بالطبع، ولكن كجزء من التزاماته تجاه المجتمع الذي يعمل وينمو فيه، من خلال مؤسسات معنية بهذا الجانب تساهم في تنمية المجتمع بصورة مؤسسية ومن خلال مشاريع استراتيجية متوسطة وطويلة المدى.
في مجتمعنا نسمع بين الحين والآخر مبادرة شركة أو مجموعة تجارية لتقديم تكاليف العلاج لأحدهم، أو لدعم أحد الشباب أو المبدعين، ودائما ما ينبري الكثير من الإعلاميين وأدعياء الشكر والإمتنان لكتابة المطولات ورسائل الشكر والإمتنان لهذه المجموعة أو تلك بدعوى أنها بادرت لمثل هكذا عمل، ويجهل الكثير من هؤلاء المسؤولية الاجتماعية للقطاعات التجارية ورجال الأعمال، ولذلك يعتبرون هذه المبادرات هبة ومنحة من هذه المجموعات أو الشركات ويجب تقديم واجب الشكر لها.
ومن خلال المتابعة لمثل هذه المبادرات، نجد أن الرأسمال الوطني أو القطاع الخاص، يفكر وفقا لواقع السوق وتجاذباته اليومية، ويسعى لتسجيل إنجاز هنا أو هناك كترويج لهذه المجموعة أو تلك، بعيدا عن الوعي بمسؤوليته الاجتماعية تجاه المجتمع، يظهر هذا التفكير وهذا الاستغلال من خلال عشوائية هذه المبادرات واعتمادها على بعض الحالات والمناشدات، حيث لم يستوعب القطاع الخاص بعد فكرة مأسسة هذه المبادرات والتفكير بشكل أوسع لدعم قطاعات معينة أو المساهمة بتنمية المجتمع في أي مجال من المجالات المهمة والحيوية.
في بلد تنمو فيه الأمية وتتدهور مستويات التعليم ومؤشرات جودته يوما بعد آخر، ما يزال القطاع الخاص يفكر بعقلية التاجر الذي يفكر في الربح والربح فقط، حتى من خلال مساعداته للبعض فهو ينزع نحو الترويج من أجل تحقيق المزيد من المكاسب في السوق، ومن حقه أن يفكر في الربح، ولكن إستغلال احتياجات البعض والترويج لذلك على أنه عمل عظيم، لا يمكن تصنيفه إلا كإحدى الإفرازات السلبية لسنوات الحرب التي نعيشها.
المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص ولرجال الأعمال والمجموعات التجارية، تقتضي أن تقوم كل شركة أو مجموعة تجارية بإنشاء مؤسسة مختصة تعنى بجوانب العمل المجتمعي والعمل على مشاريع من شأنها المساهمة في تنمية المجتمع في جوانب التعليم والصحة والتمكين وغيرها، وبصورة مؤسسية ووفقا لبرامج وخطط مدروسة، بعيدا عن الهبات والعطايا التي لم تعد مجدية، ولا تخدم المجتمع في شيء.
*شاعر وكاتب يمني