الفنان العراقي كريم سعدون: إنصات آسر لكائنات لامتناهية
1 min read
أمين غانم*
أحيانا يدهشنا فنان ما بنبله قبل لأي شيء آخر، الألوان ربما تأتي كسحر أخاذ تباعا، كأنّ الروح هي كل ما بحوزته، وحين نجاور روحا دافئة لفنان مازلنا نحاول ان نستبصر عالمه الخارجي بعيدا عن وقوعنا تحت سطوة ما تنفك تتصاعد من مخيلة فنان قبل ان تأتي من دماثة إنسانية.
كريم سعدون هو كل ما استطعت أن احوزه، شخصية تحمل الكثير من تشظّي، معه تتلاقى انكسارات الراهن وتغدو بعضا من هدوء المعاناة حين يجد صاحبها متسعا من التصالح مع الذات.
فعلا حاولت قراءة نبذة ولم أجدني إلا أهرب من تلك التواريخ والحيثيات التي قد تأخذني بعيدا غبطة فتية تتواتر بداخلي تجاه بطل ولد ودرس في بغداد وبعدها وإبان تهاوي الهوية العراقية الجامعة هاجر الى السويد ليبدأ في تقصّي الوجود من انبعاثات لونية لا تنطوي على الحزن والسواد.
لوحات الفنان العراقي لا تحمل اكثر من ملمح وهذا بمثابة انصياع كلي لذبذبات بعيدة، انها نقرات لا تحفل الا للإنصات، دعوته لإنصاتنا كبشر لا يكترثون إلا للغواية الجامحة، التي تفسد كل شيء، ليس الخيال فقط بل الواقع برمته، وهذا كل ما نحتاجه للعودة لجادة الرؤية المتأنية غير المنفعلة.
كريم سعدون كأنّه آمن بنفسه باكرا ككيان شفاف يشبه العالم المترامي ولم يجد غضاضه في البقاء على ذلك السفح المرتفع ليرهف السمع لدبيب كائنات متماهية ما تنفك تسري كالنمل بالقرب منه، وتظل ماهية الفن في ذلك الايمان الحسي بوجودها، ليمض بعدها في إذكاء معان جديرة بكل الكائنات بما فيهم بني البشر.
إنها قصة مترامية النزعات تلك التي لا تبدأ كحكاية بغدادية حزينة بقدر ما تكون أيقونة لانصياع انسياني جبار لتسوية كل حكايات المنشأ المتهاوية وسبرها كولادة ضافية غير مشوهة، والفن حين ينبثق من فوهة متماثلة بلا ريب سيغدو شوقا بهيا ومبهجا للعبور لكل الأزمنة.