لوحة (1)
عازفُ الكمانِ يسيلُ الغروبُ من بين أصابعِهِ
رداؤُهُ البحرُ… وقبعتُهُ الغيومُ..
عيناه غابةٌ من الصمتِ والضبابِ الأزرقِ
عازفُ الكمانِ…
عابرٌ بين حطامِ الأزمنةِ..
سرابٌ للذكرياتِ
يغيب في عرباتِ الألمِ
وتحاصرُهُ صرخاتُ المجانين.. وتهجّداتُ القدّيسين.
عازفُ الكمانِ وحيدٌ في دوامةِ الأبدِ
كأنّهُ النجمُ اللامنطفىءُ…
من أوّلِ رعشةٍ للضوءِ..
إلى آخر نشيدٍ في العدمِ.
لوحة (2)
خرجَ من بين الدخانِ، بيدِهِ حفنةً من نارٍ هديرُهُ في الظلمةِ يبعثرُ غبارَ السماءِ…
ويفتّتُ حجارةَ الزمنِ
ومثل ملاكٍ خاطىءٍ..
تركَ الليلُ يئنُّ في معطفِهِ
وفرَّ من اللوحةِ الصامتةِ.
دموعٌ محنّطة
من النهرِ تعلّمت الحكمةَ..
من الجبالِ تعلّمت العزلةَ..
ومن العزلةِ تعلّمت الصمتَ..
تعلّمت الشكّ من النارِ
اليقينَ من الماءِ…
والنبوءةَ من الحلمِ…
وما تعلّمت الحياةَ
من عشبةٍ تحت الجليدِ
أو من عصفورٍ فوق غصنِ الثلجِ
ها أنا أرمّمُ تصدّعَ السماءِ… وأبكي
وحده الإنسانُ وجعٌ أزرقُ…
وتاريخٌ محنّطٌ من الدموعِ…..