“1”
كم تفاءلنا نحن في مجموعة السلام العربي ، تلك المجموعة التي لم تتوقف منذ سنوات عن توجيه النداء إثر النداء ، والاتصال بكل أطراف المعادلة اليمنية ، رغبة بإنهاء الحرب وإعادة الحياة إلى يمننا العزيز ، الذي افتقد كل مقومات الحياة ، بفعل تلك الحرب الضروس الطويلة المدمرة.
نعم تفاءلنا بتلك التطورات الإيجابية الأخيرة في المشهد اليمني، وأهمها مبادرة المبعوث الأممي وموافقة كافة الأطراف اليمنية عليها، سبقها مبادرة التحالف العربي والاجتماع التشاوري في مجلس التعاون الخليجي ومبادرة صنعاء أيضا، تلك المبادرات التي تجدد بنا الأمل كونها مقدمات لطي صفحة الحرب اليمنية، وبسط الأمن والسلام في ربوع هذا البلد العربي العزيز.
“2”
إنها تحولات إيجابية ، إن استغلت الاستغلال الأمثل ، فإنها سوف تؤدي إلى إنهاء تلك الحرب وكل التبعات الكارثية التي ترتبت عليها. وتركيز انتباه كافة الأطراف اليمنية إلى ما يجب التنبه له ، أولوية إشاعة السلام وإعادة الأمن إلى قلوب اليمنيين ، بل والتمسك بوحدة الأرض والشعب اليمني، دون أي إجراءات تقسيمية تهدد هذا البلد لا سمح الله.
ونقول للإخوة اليمنيين، بأنكم لا تمتلكون ترف الوقت أو التأجيل، فالهدنة لا تبقى إلى ما شاء الله، والمبادرة الأممية هي خطوة صغيرة على طريق ما نصبوا إليه جميعا كيمنيين وكعرب، بأن يحل السلام وأن تكون دولتكم الموحدة ، بها متسع للجميع ، لكل القوى السياسية والمناطقية والقبائلية.
فاليمن الموحد الذي تتعزز به قيم المواطنة ، هو اليمن الذي يحاكي مستقبل واعد للشعب اليمني ويحول دون تكرار المشهد الراهن بحرب كارثية أخرى، ومن وحي التجربة ، ومن وحي قراءة التاريخ اليمني فان الحروب اليمينة لم يكن بها منتصر، وليس بها فائز، باستخدام البندقية، فالكل خاسر حتى لو حقق بعض المكاسب على الأرض.
أن المكسب الوحيد المنتظر هو أن تُستغل الهدنة، وأن يلتقي اليمنيون معا، فيُقدم الجميع وبنوايا طيبة تنازلات تاريخية جريئة، فالتنازل من أجل وحدة اليمن وسلامته وأمنه ، لا يعتبر تنازلا، بل أنه ضرب من ضروب المواطنة الحقة والصدق ، بأن يُعاد لليمن أمنه وسلامته ووحدة أراضيه وشعبه. وبالتالي أن ينطلق اليمن بكل قواه الخيرة وبكل معادلاته الوطنية نحو المستقبل ، وفق دولة ديمقراطية تشاركية مدنية بها مكان للجميع. بحيث تتفاعل الأفكار، وتحتكم إلى مفهوم الأغلبية والأقلية ضمن إطارات مؤسساتية كما هو الحال في كل دول العالم المتمدن.
إنها الوضعية الوحيدة التي تعيد لليمن ألقه، وتسمح بإعادة إعماره، وتسمح بطي صفحة مريرة مؤلمة، عانى منها اليمنيون سنوات عجاف طويلة، كما عانى منها العرب جميعا ، بأرواحهم وبمالهم أيضا. فاليمن في الميزان العربي هو اليمن السعيد وأهل سبأ هم أصل العرب، وحرصنا على اليمن هو حرصنا على أنفسنا.
“3”
وإنني أجزم أيها السادة أن الإسراع في تقريب وجهات النظر يحتاج إلى حيز يشغله الإخوة اليمنيون الذين لم ينحازوا إلى هذا الطرف أو ذاك، ورفضوا الحرب من منذ البداية. يمنيون مخلصون نادوا منذ اليوم الأول للأزمة ومعهم أشقائهم العرب بضرورة أن تنتهي الحرب، على قاعدة أن الحوار هو البديل المثمر للبندقية.
وأذكر العديد العديد من تلك الشخصيات اليمنية التي وافقت على أول نداء صدر عن مجموعة السلام العربي ، حيث أيد النداء أكثر من ألف شخصية يمنية وازنة ، وعلى رأسهم الرئيس علي ناصر محمد والوزير أبو بكر القربي والمستشار علي عبد الكريم والسفير علي حسين الفضلي والسفير محمد عمر البحاح والسفير علي محسن حميد ورئيس الائتلاف الوطني الجنوبي السيد أحمد العيسى ، والمحافظ أحمد المجيدي، وغيرهم الكثير الكثير من الشخصيات اليمنية ، التي لم تتوقف عن المناداة بالسلام حيث لا مصلحة لها ، إلا أن ترى اليمن سعيدا ، كما ورثنا في كتب التاريخ ، بأنه يمننا العربي السعيد.
والله ومصلحة العرب من وراء القصد
