من على مسرح سينما 26 سبتمبر في مدينة الحديدة، وبمقام “الراست” بدأ الفنان والموسيقار أحمد فتحي رحلته الفنية، عزف وصدح لأول مرة وهو في الرابعة عشرة من عمره أغنية “الوديعة”، مدشناً بها سيرة فنان ملأ بأغانيه وألحانه اليمن وتفوق بها على المستوى العربي، وبالكثير منها إلى وصل إلى العالمية بكل اقتدار.
في هذا الحوار الخاص مع منصتي “عن كثب، والمنتدى العربي للفنون“، يتحدث الفنان اليمني المقيم في القاهرة الملقب بـ “ملك العود” الموسيقار أحمد فتحي عن تجربته الفنية ويسرد جزءاً من قصة نجاحه وعلاقته بالأغنية والجمهور اليمني وسر علاقته بآلة العود ومدينة القاهرة.
العود والقاهرة
تميز الموسيقار أحمد فتحي بإتقانه العزف على آلة العود، وأبدع فيها عشرات الألحان التي خُلدت في ذاكرة الفن العربي، كما يؤكد في هذا الحوار بأنه أعطى آلة العود كل عمره، وأن العود بدوره أعطاه كل أسراره.
من خدم الآخر.. الفن أم أحمد فتحي؟ يلخص الإجابة بقوله ” خدمت الفن بكل إخلاص وصدق وتفاني، وهو منحني التميز الفني والشهرة والحضور والمكانة الطيبة لدى الجميع”.
أما لماذا حط رحاله في العاصمة المصرية القاهرة فيوضح “فضلت الإقامة في مصر لأنها تتوافق مع توجهاتي الفنية وبها درست ودرّست، ففي مصر زملاء دراستي وذكرياتي كلها، ومصر أرض الفن الذي استقينا منه الكثير، إضافة إلى أنها البلد الذي احتضن أكثر من اثنين مليون يمني، فمصر دولة وشعبا مرحب باليمنيين ولم نلمس منهم أي منة تجاه ذلك، وأقول عن تجربة وعيش وملح أن مصر هي بلد العرب والعروبة”.
يوم الأغنية اليمنية
تفاعل الموسيقار أحمد فتحي مع فكرة الاحتفاء بيوم “الأغنية اليمنية” منذ طرحت العام الماضي، وهنا يشير إلى أن تفاعله واجب وطني ومهني وفني، مؤكداً ارتباطه وانتمائه لبلده اليمن وفنونها وتراثها وناسها.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الحوار جاء امتداداً لتفاعله مع “يوم الأغنية اليمنية” الذي شارك في الاحتفاء به كمواطن يمني يحب بلاده ويفتخر بتراثه وثقافته وحضارته، وكفنان ورمز من رموز الغناء اليمني أضاف الكثير لمكتبة اليمن غناءً ولحناً.
فالاحتفاء الشعبي بيوم الأغنية اليمنية برأيه وإن جاء متأخراً إلا أنه حراكاً فنياً يستحق الثناء والإعجاب، مع ضرورة أن يدرك المسئولين أهمية الأغنية اليمنية التي غزت أرجاء الوطن العربي شرقه وغربه وسجلت حضورا كبيرا في شرق آسيا وتغنت بها أمم وفنانين كثر اعتبروا الغناء اليمني مرجعاً هاما لأبحاثهم، فالفن اليمني مرجع لا يستهان به.
ويجزم الفنان أحمد فتحي بأن الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن قد انعكست بشكل كبير على كل شيء، مستدركاً بقوله “الشباب كثر خيرهم رغم الظروف الصعبة وغير الطبيعية إلا أنهم يحاولون بقدر المستطاع إيجاد حراك فني، ولذلك يستحقون الشكر، ونتمنى لبلدنا السلام والأمان والاستقرار.. والله المستعان”.
ومن واقع تجربته التي تجاوزت المحلية إلى العربية والعالمية، يهمس الفنان أحمد فتحي في أذان الفنانين الشباب قائلاً “التراث الغنائي اليمني هو القوة الدافعة لأي موهوب”.
ويضيف في هذا الحوار الخاص مع منصتي “عن كثب، والمنتدى العربي للفنون“، يستطيع الفنان أن يحافظ على جمهوره في بلده من خلال عطاءاته الفنية الجاذبة، وكل فنان يعرف كيف يسعد جمهوره ويحافظ على العلاقة الحميمية التي تأصلت فيما بينهما.
الأغاني الوطنية وألوان الغناء اليمني
قدم الفنان أحمد فتحي أكثر من عمل غنائي وطني تنوعت بين الأغاني والأناشيد والملاحم الشعرية وأهم تلك الأعمال من وجهة نظره هو كفنان وملحن، ” أيلول شمس الحرية، و أجيبيني التي كتب كلماتها الشاعر الصديق الأستاذ محمود الحاج، كما أن لحن الملحمة الشعرية “عودة بلقيس” للشاعر الأستاذ إبراهيم صادق يعتبر عملاً مهما للغاية، كذلك نشيد “نحن جنودك يا بلقيس” للدكتور عبد العزيز المقالح كلها أعمال لها أهميتها وأعتقد أن هذه الأعمال وغيرها قد بذلت فيها جهداً غير عادياً بصرف النظر عن إهمال الكثير منها إعلاميا لأسباب يعلمها الجميع ولكن الفن الحقيقي يستطيع أن يبقى ويقاوم كل التحديات وهذا عزائي”.
ولفت الفنان أحمد فتحي إلى أن اليمن غني بتعدد ألوانه الغنائية غير أنه يؤكد بأن اللون الصنعاني هو أصعب ألوان الغناء اليمني، ويشير في هذا السياق إلى أبرز تجاربه ضمن هذه الألوان ففي اللون الصنعاني قدم “غنى على نايف البواسق، وصادت فؤادي”، كما قدم في اللون الحضرمي “نا وخلي تراضينا و يا حبيب قلبي سلام”، وفي اللون اللحجي قدم “يا بو زيد و يا ذي تبون الحسيني”، أما في اللون التهامي فقدم أغنية “البارحة، و واساكن امجاح آح منك” وغيرها من الأغاني التي تميز بها غناءً وألحاناً.
أنا اليماني
وفي أول توضيح حول “أوبريت أنا اليماني وهذا زماني” الذي أثار جدلاً.. يؤكد الفنان أحمد فتحي ” هو عمل فني سجل حضوراً كبيراً بما يحتويه من حب وانتماء لبلدنا العزيز، إضافة إلى أنه سلط الضوء على مبدعي اليمن وتأثيرهم في المجتمعات الأخرى”.
وعبر عن شكره لمجموعة هائل سعيد أنعم التي تبنت العمل وساعدت في إخراجه بالصورة التي تليق باليمن ومبدعيه.
ولفت إلى أن المجموعة بدعمها للأوبريت أثبتت بأن رأس المال الوطني اليمني يستطيع أن يساهم في تحريك المياه الراكدة وخلق حالات إيجابية وتعزيز حضور الإبداع اليمني بكل الأوجه اللائقة.
إشارة
أحمد فتحي، موسيقار وعازف عود ومغني يمني. من مواليد محافظة الحديدة – مدينة الضحي، هاجر في سن الشباب إلى جمهورية مصر العربية، وحصل على درجة الماجستير من المعهد العالي للموسيقى العربية بمصر، في عام 1998م، بتقدير ممتاز، كما حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة الحديدة عام 2006م، وهو والد الفنانة بلقيس التي تسير على خطى أبيها وتحقق اليوم حضوراً ونجاحاً فنياً كبيراً على مستوى المنطقة العربية.