وربما كانت قصيدته “توم هانكس” في مجموعة “استدراكات الحفلة” التي صدرت في عام 2002_أكثر قصائده تعبيرا لافتتاح الحديث عن ذكراه الشعرية، حين اختار فيها الذهاب، ليلحق بمن رأى فيهم تحقيقا لفكرته عن المعنى، أما الشعر في زمن الحرب لديه فإنه يفجر اللغة بمواجهة الأسلحة، ويأبى توزيع المناديل الورقية على الأعين المضطرة للبكاء بعد ملاحم الأنين.
وهذا ما عبّر عنه “هيثم” في نصوصه الشعرية، التي خلقت عالما مختلفا، متجاوزا للاتجاهات الأيديولوجية، ليفتح بابا للغة مناورة، وموحية، ولكنها لا تنغلق على معنى.
تنطلق قصائد “هيثم” من لحظة غامضة، في إطار فكرة شعرية خاصة من داخل القصيدة، لا من فكرة خارجة عن النص أو سابقة، فيتشكل النص ببنيته الخاصة من هذه اللحظة الغامضة، لتأتي بعد ذلك الفكرة الأساسية.
خيل آيلة للريح/ منازل عاثرة/ غيم يعوي/ ورجال عور/ يقتادون هواء أعرج.
ويظهر تأثره بالقصص الشعبية والحكايات الفانتازية في قصيدته الشهيرة “غبار السباع” و التي مارس فيها التجريد والترميز الشعري عبر قصة فانتازية يحكيها الشاعر عن أبناء عمه الذين هم سبعة سباع، وعن حربهم ضد الرجل القليل. ومع تصاعد القصيدة إلى ختامها، ينقص أبناء العم واحداً في كل مقطع، حتى تكون نهايتهم إلى
كما يظهر تأثير التجربة الشيوعية في جنوب اليمن في قصائد مثل 1984، والحصان، والقطار، ومدى يكسر الأحصنة، وجمهرة الليل، في قصائد تُفسّر بأكثر من إحالة، إلى الموت والحياة، والتاريخ. وقد تفتحت موهبته الشعرية في فترة مبكرة من حياته، وبدأ النشر في سن السابعة عشرة، في العديد من الصحف المحلية والعربية.
حياة قصيرة عاشها “محمد حسين هيثم”– نوفمبر 1958- مارس2007- لم تمنع تطور تجربته كصوت شعري مختلف وباذخ في خارطة الشعرية اليمنية المعاصر. تجربة انتهت في الأربعينات من عمره، والغريب أن الشاعر قد تنبئ بسقوطه، في قصيدته التي قال فيها:
مواضيع ذات صلة
19 أكتوبر، 2024
19 أكتوبر، 2024
17 أكتوبر، 2024