القصيدة التي فاز بها الشاعر اليمني زاهر حبيب بجائزة البابطين الثقافية كأفضل قصيدة للشعراء الشباب
مُـذْ سِـرتُ أقـتادُ أحـلامي الـصغارَ إلى
حَــيْـثُ التـآويـلُ ضَـربٌ يَـجـتَدِي مَـثَـلا
.
.
ومُـنذُ أوْدَعَـتُ فـي رَحـلِ المُنَى عُمُري
وقــلــتُ لـلـعِـيـرِ: إنــــي فــاقِــدٌ أمَـــلا
.
.
مـا زلـتُ أَلـقَـى قَـميصَ الـفَـقـدِ يَلبَسُني
فـتَـنشِجُ الــرُّوحُ: لَـيْـتَ الـذئبَ قـد أكَـلا
.
.
ولَـمْ تَـزَلْ سُـنبُلاتي الخُضرُ تَـبحَثُ عن
صـدِّيـقِها خَـلـفَ سِـجـنٍ أَدمَـنَ الـرُّسُلا
.
.
لَـــمْ تَـــدرِ أنـِّــي تَــأوَّلــتُ الـرَّمـادَ وقــد
ألـفَـيْـتُـهُ عــنـدَ بـــابِ الــرِّيـحِ مُـرتَـحِـلا
.
.
وأنــنــي أرتـــدي رَمــــلَ الــنُّـبُـوءَةِ إنْ
تَــوَضَّـأ الـحُـلْـمُ بـالأضـغـاثِ واغـتَـسَـلا
.
.
فـلـتَـكـتُـمـوا السِّــرَّ، قُـولـوا إنَّ أُحجيتي
لا يَـبـتَـغي الـغَـيْبُ عــن مِـرآتِـها حِــوَلا
.
.
ولـتُـخبِروا الـسِّـجنَ أنــي بِـتُّ صـاحبَهُ
رَبِّــي قَـلانـي وخَـمـري يَـعـصِرُ الـمُـقلا
.
.
والـطَّـيْـرُ.. دُنـيـا مِـنَ الـخَيْباتِ تَـسكُبُني
فــي صَـفـحَةِ الـماءِ، حَـرفًا نـازِفًا جُـمَلا
.
.
كــــأنَّ مَـعـنـاي مُـسـتَـثـنًى بـمُـعـجَمها
إذا تَــحـاشَـتـهُ (إلا) أدرَكَــتــهُ (خَــــلا)
.
.
.
.
لأيّ دَربٍ أُغَــنِّــي يـا ضَــيــــاعُ وفــي
أيّ الـمَـنـايـا تُــرانـي أَبــلُــغُ الأجَـــلا؟!
.
.
وأيّ جُــــبٍّ ســألـقَـى فــــي غَـيـابـتهِ
رِيــحَ الـسَّعيدِ الـذي أوْدَى بـهِ الـعُمَلا؟!
.
.
ذاك السَّعيدُ الذي لمَّا استَغـاثَ -ضُحًى-
رأى ذُكُـــورًا ولـكـنْ لَــم يَــجِـدْ رَجُــلا
.
.
وهــا هُــوَ الـيَـوْمَ فــي أقـصَى مَـتاهَتهِ
يَـطـوي الـمَنافي كـلِـصٍّ ضَـيَّـعَ الـحِيَلا
.
.
إذا تَـغَـشَّـى اشـتِـعـالاتـي، يُـسـائِلُـنـي:
ألَـستَ أصداءَ أعـماري؟.. أقُـولُ: بـلَى
.
.
وإنْ تَـــسَـــوَّرتُ أزمــانــي لأســألَــهُ:
ألَــسـتَ مَــثـوايَ؟.. لا ألـقـاهُ مُـتَّـصِلا
.
.
فـكَـيْـفَ تُـنـهــي انكـسـاراتـي تِلاوتَــهُ
وكُلُّ آياتِـهِ قـد صِـرنَ مَـحـضَ (قَـلَـى)
.
.
إنـي الـذي شِـختُ فـي تَـقويـمِ غُربَـتـهِ
مِـلحي عَـميقٌ وبَـحـري يَـشتَكي الـبَلَلا
.
.
مِــن كُــلِّ بــابٍ دَخَـلتُ الحُزنَ، مـنتَعِلًا
رأسـي الـذي ابـيَضَّ بـالخَيْباتِ واشتَعَلا
.
.
وهـــا أنـــا الآنَ طُـوفـانـي وأشـرعَـتي
أمُــوجُ وَحـدي ووَحــدي أَعـصِمُ الـجَبَلا