عن كثب/محمد غبسي.. نجى فارع الرياشي ،52 عاما، من أبناء مديرية رداع محافظة البيضاء، هو وأخ له يصغره بـ 15 عام، من أمراض الطفولة التي أودت بحياة 8 من أشقاءه في سبعينيات القرن الماضي. حسب ما روا له والديه الذين خسرا 5 أطفال ذكور و ثلاث إناث.
تزوج فارع الرياشي في عام 1990 وأنجب ستة أطفال “أربعة أولاد وبنتين” لقد اختلف الوضع بالنسبة له مع انتشار حملات التحصين التي وصلت إلى القرى والمناطق البعيدة عن مراكز المدن، والتي بفضلها لم يخسر أي من أبناءه الستة.
وقال الرياشي في حديثه لـ عدن الغد”، “لم يكن آباءنا يعرفون بأن تلك الأمراض التي كانت تقضي على الأطفال يمكن الوقاية منها، لأسباب كثيرة منها الأمية التي تمثل السبب الرئيس لعدم وعيهم بتلك الأمراض، إضافة لعيشهم في مناطق نائية محرومة من المراكز والخدمات الصحية”.
تلعب اللقاحات دوراً هاماً في تعزيز النمو السكاني بحمايتها للأجيال من أمراض الطفولة التي تتسبب في حالة انتشارها بإعاقات دائمة، ووفقاً لأخصائي الأعصاب الدكتور محمد الجرادي، الذي أوضح بان النمو السكاني مرتبطا بعدد الملقحين، وفي حالة وجود نسبة كبيرة ملقحين تكون هناك مناعة مجتمعية حتى لو كان هناك غير مطعمين، بعكس النسب المتدنية التي تكون فيها احتمالية انتشار الأمراض عالية، حد قوله.
وفي تصريح خاص لـ عدن الغد”، أرجع الدكتور الجرادي عودة انتشار بعض أمراض الطفولة مثل الحصبة وشلل الأطفال إلى توقف حملات التحصين الموسعة “من منزل إلى منزل”، مؤكداً “بأن اللقاحات تحمي الأجيال من الأمراض الخطيرة ،وبالتالي ترفع نسبة نمو السكان الذي يقاس نموه أيضاً في أي بلد بمعدل ولادة ووفيات الأطفال”.
ونصح الدكتور الجرادي الأسر بالحرص على تطعيم أطفالها باللقاحات الروتينية، وحملات التحصين الموسعة التي تنفذها السلطات بالتعاون مع منظمات اممية بين فترة وأخرى، منبها إلى ان الطفل الذي يحصل على جميع الجرعات حسب دفتر التطعيمات في اليمن يكتسب المناعة اللازمة لمواجهة الكثير من الامراض التي يمكن الوقاية منها من خلال اللقاحات الفاعلة والآمنة.
أعلى نسبة تغطية
حققت اليمن أعلى نسبة تغطية للقاحات الأطفال في عامي 2018 و 2019، وفقا لمديرة البرنامج الوطني للتحصين بوزارة الصحة بصنعاء الدكتور غادة الهبوب، التي اكدت بان التغطية بلغت 88% من الأطفال المستهدفين، علماً بأن نسبة التغطية بدأت بشكل تدريجي منذ تأسس البرنامج الوطني للتحصين في عام 1977، وأشارت إلى أنها انخفضت إلى 81% مع بداية سنوات الحرب في عام 2015، غير أنه تم تعزيز الجهود حتى تم إعادتها الى نسبة 87%.
منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة “اليونيسف” أفادت بأن التطعيم بدأ في اليمن منذ عقود، و ساهم في اكتساب الأطفال الذين حصلوا على اللقاحات مناعة ضد عدد من الأمراض، معتبرة ذلك دليلٌ على أن اللقاحات آمنة وفاعلة وبالتالي لا حاجة للقلق بشأن تطعيم الأطفال ضد الأمراض التي تهدد حياتهم.
وبحسب مؤشرات الصحة العالمية لعام 2005، فقد كان معدل وفيات الأطفال في اليمن لعمر أقل من سنة 75.0 لكل ( 000 1 ) طفل، فيما كان معدل وفيات الأطفال دون الخامسة لكل ( 000 1 ) مولود حي 99.8.. وبحسب اليونيسف انحفضت النسبة إلى 26 حالة وفاة لكل 1,000 ولادة في عام 2021.
فيلم عن الملكة “كليوباترا” يثير أزمة وغضبا عارما في مصر
وبدأ التحصين في اليمن بلقاح ثلاثي ضد الكزاز والدفتيريا والسعال الديكي، وهو اللقاح المعروف حالياً باللقاح الخماسي بعد أن أضيف له لقاحين ضد الكبد البائي ولقاح المستقيمة النزلية، وفقاً للدكتورة الهبوب التي لفتت إلى أن اللقاحات التي تقدمها وزارة الصحة عبر البرنامج الوطني للتحصين تحمي الاطفال من 11 مرض يمثل خطورة على حياتهم، إضافة للقاح خاص بالنساء يحمي من مرضي الكزاز والدفتيريا.
واوضحت الدكتورة الهبوب في حديثها لـ عدن الغد بان اللقاحات الروتينية في اليمني تغطي في أحسن الأحوال 60%، ما يعني لبقاء نسبة كبيرة من الأطفال غير مطعمين ومعرضين لخطر الإصابة بالأمراض، لذلك يتم معالجة الامر من خلال تنفيذ حملات تحصين موسعة بهدف رفع نسبة المطعمين إلى ما فوق الـ 90% وهي النسبة الكفيلة بحماية المطعمين من الـ 10% الغير مطعمين”.
وشهد العام 2022 أول توقف شامل لحملات التحصين الموسعة في المناطق التابعة لحكومة صنعاء، حيث كانت آخر حملة نفذت لتحصين الأطفال ضد الحصبة والحصبة الألمانية استهدفت أربعة ملايين طفل في مايو 2021، إضافة لحملة تطعيم طارئة في العاصمة صنعاء في ديسمبر 2021، كما كانت آخر حملة تطعيم ضد شلل الأطفال بتاريخ 18 ديسمبر 2021.
أما في المناطق التابعة لحكومة عدن فقد نفذ حملة تحصين ضد الحصبة في نهاية مايو 2022م، فيما نفذت أحدث حملة تحصين موسعة ضد شلل الأطفال في الخامس من مارس 2023.
شائعات غير منطقية
انتشرت عدد من الشائعات التي تزعم بان اللقاحات غير مأمونة تشكل خطرا على الأطفال وتأتي ضمن مؤامرة دولية تستهدف اليمن، في محاولة لدفع المواطنين للعزوف عن تطعيم أطفالهم، وهنا ترد الدكتورة غادة الهبوب بالقول ” لو كان هناك أي خطر أو مضاعفات للقاح لظهرت عندما تم تطعيم عشرة مليون طفل ، وحينها سيكتشف أي بلد أو دولة أو مجتمع هذه المشكلة” وأضافت “لقد نفذن برنامج التحصين العديد من الحملات وطعمنا ملايين الأطفال ولم تسجل أي أعراض أو مضاعفات”.