
الصورة لفتاة يمنية على هامش مهرجان العسل اليمني الثاني _ صنعاء
عن كثب/محمد غبسي.. بينما أكمل البائع وزن ربع كيلو عسل “سلام” ووضعها في علبة جديدة، أدخل الأربعيني صلاح قائد يده في جيبه وأخرج مبلغاً مالياً “عشرة آلاف ريال يمني” أخذها البائع واقترح عليه نوعية أخرى من العسل قال أنها مفيدة جداً لوالدة صلاح التي تعاني من مرض السكر النوع الأول.
أضاف صلاح ثلاثة آلاف ريال مقابل كمية قليلة ليقوم بتجربتها، كرر البائع عملية الوزن وأحكم إغلاق العلبة مضيفاً لها ملصقاً يحمل اسم وشعار متجره الواقع في أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة صنعاء.
قبل مغادرته للمحل أكد صلاح أنه حصل على توصية من معارف وأصدقاء جربوا ذلك النوع من العسل، ليبادر البائع بشرح أنواع العسل وفوائده للعديد من الأمراض.
يمارس بائعي العسل أدوار ومهنة الصيادلة ويبيعونه باعتباره دواءً بدون معرفة علمية بمكونات العسل وبدون روشتة أو وصفة طبية، وهو أمر أكده غمدان الشيبة “عامل في أحد محلات بيع العسل” بقوله “الإقبال حالياً يقتصر على الطلبات العلاجية، يأتي الزبون ويحدد المرض فنعطيه العسل المناسب لحالته الصحية”.
وبحسب تصريح الشيبة لمنصة “عن كثب” فهناك أكثر من جهة تنفذ زيارات ونزول الى محلات العسل ملمحاً الى أنها تأخذ مبالغ مالية بمسميات رسمية وغيرها، لافتاً إلى عدم وجود أي أجهزة بإمكانها الكشف عن عمليات الغش أو التأكد من جودة المنتج.
لم تدرك ماجدة عبدالله بأن خلطة التسمين التي ابتاعتها بغرض التخلص من النحافة، ستقودها الى غرفة العناية المركزة في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء.
ماجدة ذات الخمسة وعشرون عام أصيب باصفرار في وجهها وعينيها ومغص شديد في بطنها وتقيؤ خلال فترة تناولها للخلطة ما دفع أسرتها لإسعافها إلى المستشفى، وهناك أكدت نتائج الفحوصات للأطباء تضرر خلايا كبد الفتاة والتهاب حاد في البنكرياس وصنفت كحالة حرجة.. بحسب ما نشر الدكتور وهاج المقطري “أحد الأطباء الذين أشرفوا على حالة المريضة”.
وأشار المقطري إلى أن الخلطات مجهولة ولا أحد يعرف ما هي المكونات التي تستخدم فيها، محذراً الجميع من تناولها لاحتوائها على مركبات كيميائية مثل ” الكورتيزون والثيروكسين” وبجرع عشوائية تشكل خطر حقيقي على الصحة.
الوصمة تضاعف عدد مرضى الاضطرابات وتغلق تخصصات الصحة النفسية في اليمن
لا توجد أجهزة أو مختبرات يمكن بواسطتها معرفة الفرق بين العسل اليمني والخارجي وبين أصنافه، فالأمر يعتمد على خبرة ومعرفة البائع بالعسل والنحالين والمناطق التي يأتي منها وفقاً لبائع العسل “أنيس مجلي” الذي أشار إلى وجود عدد من الجهات المشرفة على المحلات مثل وزارة الزراعة ووزارة الصناعة والتجارة غير أن الإشراف لا يتعدى عملية تسجيل الكميات وتحصيل الرسوم كالضرائب والزكاة وغيرها.
ولا يقتصر الغش على بيع العسل المستورد من الخارج باعتباره عسل يمني فقط، فمحلات بيع العسل تبيع منذ سنوات خلطات للتسمين وللتنحيف وأخرى محفزة للجنس وغيرها.. وهنا يؤكد رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك فضل منصور، أن محلات بيع العسل انتشرت في جميع مدن اليمن خلال السنوات الأخيرة بصورة غير طبيعية، وهو انتشار لا يتناسب مع كميات العسل الذي ينتجه اليمن.
وأكد منصور في تصريح خاص لمنصة “عن كثب” أن انعدام الرقابة على محلات بيع العسل منحتهم الحرية الكاملة لاستيراد العسل من الخارج وبيعه كمنتج يمني في عملية غش كبيرة للمستهلك، إضافة لخطر صحي باتت تشكله تلك المحلات ببيعها الخلطات مجهولة المكونات.
عمليات الغش التي تمارسها محلات بيع العسل والتي تشمل عمل “خلطات تسمين وتنحيف وغيرها” لا تخضع لأي رقابة وفقا لمنصور الذي لفت إلى وجوب مراقبتها واتخاذ الاجراءات بحقها استناداً لقانون المواصفات والمقاييس وقانون حماية المستهلك.
وقال منصور “عمليات الغش في محلات بيع العسل لا تخضع لأي رقابة من قبل مكاتب وزارة الصناعة والتجارة”، لافتاً إلى ضرورة أن تقوم تلك الجهات بأخذ عينات من العسل وفحصها والتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية اليمنية للعسل واتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالف استنادا لقانون المواصفات والمقاييس وقانون حماية المستهلك.
واعتبر منصور ترك هذه المحلات بدون رقابة لتستمر في عمليات الغش جريمة تنتهك حقوق المستهلك، وتتطلب ردع كل من يقوم بالغش والتأثير على سمعة العسل اليمني الذي يتميز عن غيره من انواع العسل بسبب المناخ والبيئة ونوع الزهور والشجر والمراعي.
