عن كثب/.. خصوصية صناعة البخور العدني سر لا تبوح به المرأة اليمنية الأكثر شغفاً برائحته، لا سيما في الشهر الفضيل، وذلك رغم وجود الكثير من مواد ومستحضرات الطيب.
والبخور العدني هو أشهر أنواع البخور في اليمن، حيث تعد صناعته تقليدا راسخا يعود لقرون من الزمن، لكن للكثير من الأسر العدنية طرق خاصة بها، و”طبخة” تختلف من يد إلى أخرى، ولهذا تعددت أنواعه ومهارات صناعته.
وفي رمضان تحرص الكثير من الأسر اليمنية خصوصاً العدنية على استخدام البخور بكثافة في المنازل، إذ تجذبك وأنت تجوب شوارع عدن القديمة من مدينة كريتر رائحته العطرية النفاذة التي تتدلى من النوافذ ناشرة البهجة والسرور.
واستخدام البخور في رمضان هو موروث يمني قديم، حيث استخدمه الأجداد في مهمة التطهير والتعبد وطرد الأرواح الشريرة ليصبح مؤخراً عطراً أساسياً في الأعراس والمساجد والأعياد وعند قدوم الضيف كعلامة لمكانته وحسن الاحتفاء به وحتى عند قدوم المواليد كنوع من البهجة لخروجه للدنيا.
وهناك رابط قديم بين البخور والإنسان اليمني، فهي سلعته الأساسية وبضاعته الرائجة ورفيق دربه في المعابد القديمة، كما هو رفيق المرأة اليمنية اليوم في منزلها ومجلسها وحرفتها اليدوية وسر صناعتها التي يميزها عن غيرها.
مراحل الصناعة
يدخل في صناعة البخور كثير من المواد أهمها “السكر”، “الماء”، “العود”، “العنبر”، “المسك”، “الزعفران”، وفقا لمقادير خاصة، وحسب درجة الجودة تكون قيمة ورائحة البخور العدني.
أول خطوة في صناعة البخور هي أخذ مقادير متساوية من السكر والماء وغليه على نار هادئة لمدة 20 دقيقة على الأقل وتسمى مرحلة “التعتيق”.
ثاني المراحل تتمثل بإضافة الأعواد، وهناك أنواع منها العود الماليزي والسنغافوري والإندونيسي وكذا مادة “الظفري”، و”الظفري” المطحون و”المسك” و”الزعفران” ويتم تحريكه في قدر الطبخ.
المرحلة الثالثة تتمثل بإضافة العطور وهناك عطور عربية وشرقية ثم يتم غليه لمدة محددة وتوزيعه على قوالب معدنية حتى يجف ويبقى في حالته الصلبة ثم يتم تقطيعه ووضعه في علب بلاستيكية وتصبح جاهزة للبيع.
وتتنوع أشكال البخور العدني وأنواعه، غير أن أهمها البخور الأبيض العرائسي، إضافة إلى البخور البني والأسود.
مصدر دخل
ودرجت كثير من الأسر اليمنية خصوصاً العدنية على صناعة البخور في المنازل للاستخدام الشخصي، لكن بعضها جعل من هذا النشاط مصدراً للدخل رغم امتلاك صانعيها شهادات جامعية كما هو حال السيدة اليمنية مروى السويدي، خريجة الماجستير في علوم الاقتصاد من جامعة عدن.
تقول السويدي ” إنها تعمل في صناعة البخور منذ سنوات من تخرجها وتنشر فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي حتى تستفيد البنات فضلاً عن تدريبهن لأن البخور له جودة وطابع خاص في عدن.
وأشارت إلى وجود أصناف ممتازة ومتوسطة من البخور، خصوصاً تلك التي تُباع عادة في المواسم، ومنها شهر رمضان والأعياد، لأنها عادات وتقاليد توارثناها من زمن قديم، والأعياد ورمضان مواسم ارتبطت بشكل رئيسي بالبخور العدني.
وتضيف “لم أجد وظيفة في تخصصي العلمي، فعملت في صناعة البخور من المنزل كواحد من المشروعات الصغيرة التي تلجأ إليها خريجات الجامعة ممن لا يتحصلن على وظيفة”.
وعن طقوس البخور، تؤكد السيدة اليمنية أنه يستخدم أكثر شيء في رمضان وفي الأعياد وعند قدوم المواليد وفي الأعراس والمناسبات الدينية والاجتماعية.
من جهتها، تقول أم عمر التي تبتاع العطور والبخور العدني فائق الجودة في عدن إن “البخور يلقى إقبالا كبيرا في رمضان، حيث يتهافت المواطنون على شرائه”.
وتضيف السيدة اليمنية ” أن “البخور العدني لا يحتاج إلى وصف، فهو غني عن التعريف لكن هناك أنواعا عطرية أخرى منها الطيب، الزباد، الأخضرين، المشموم، وروائح في منتهى الروعة”.
يوجد في كل بيت
وفقاً لرئيس اتحاد الأدباء اليمنيين في عدن، الأديب محمد شريه، فقد عُرف اليمن قديماً بأنه موطن البخور واللبان.
وقال شريه ” إن البخور ظل سلعة رائجة في اليمن بشكل كبير، وبالنسبة لعدن فيعد البخور سلعة وشيئا أساسيا في كل بيت”.
وأكد أن “المرأة العدنية لا يمكن أن تستغني عن البخور بأي حال من الأحوال، وله فنونه وطقوسه الخاصة للأجساد والثياب”.
وتابع: “يستخدم البخور في عدن للنساء بكثافة، وهو أنواع عدة، وتدخل في صناعته مكونات عديدة، منها الأعواد والطهي من أجل الحصول على جودته المفضلة”.
واشتهر اليمن عموما بتجارة وصناعة البخور منذ القدم، وتعد عدن واحدة من المدن اليمنية التي امتازت ولا تزال كذلك تمتاز بصناعة وتحضير البخور وتسويقه وتصديره.
عن موقع “العين الإخبارية”